منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات » منتديات اليسير العامة » المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات » احتكار المعلومات ووهم المدينة الفاضلة الالكترونية

المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات هذا المنتدى يهتم بالمكتبات ومراكز المعلومات والتقنيات التابعة لها وجميع ما يخص المكتبات بشكل عام.

إضافة رد
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 3.00. انواع عرض الموضوع
 
قديم Jun-10-2006, 12:06 PM   المشاركة1
المعلومات

ولاء شيخ
مكتبي نشيط

ولاء شيخ غير متواجد حالياً
البيانات
 
العضوية: 18054
تاريخ التسجيل: Jun 2006
الدولة: السعـوديّة
المشاركات: 69
بمعدل : 0.01 يومياً


افتراضي احتكار المعلومات ووهم المدينة الفاضلة الالكترونية

كان التواصل الإنساني في نشأته يتم شفاهة عن طريق التخاطب، وكان يقع في المكان والزمان نفسيهما. بعد ذلك بدأ التواصل مشواره الطويل لكسر حاجز المكان، فكان التراسل من خلال البريد والبرق، ثم التهاتف من خلال الهاتف، فالتلقي السلبي من خلال الإذاعة والتلفزيون، ثم التفاعل الإيجابي من خلال الكمبيوتر.

وقد أظهر هذا التواصل على مدى العصور قابلية شديدة للاحتكار، بدءاً من احتكار كهنة الفراعنة لنقوشهم المقدسة (الكتابة الهيروغليفية) إلى احتكار أيامنا الذي تفشى في جميع أرجاء منظومة نقل المعلومات المرئية والمطبوعة والمسموعة. وخير مثال على هذا الاحتكار، احتكار عدد قليل من شركات الإعلام المتعددة الجنسية للإرسال الجماهيري المرئي والسمعي وللإنتاجين السينمائي والتلفزيوني، وقد تبع ذلك الاحتكار في مجال تلفزيون الكابلات.

وما أشبه اليوم بالأمس، فها هي ذي الإنترنيت، التي طالما تباهت بحرية تبادل المعلومات ومجانية الحصول عليها، ها هي ذي الأخرى تطولها يد الاحتكار البغيض، إذ تشير الإحصائيات إلى أن مئة موقع فقط على الإنترنت تستولي على 80% من إجمالي زوار المواقع، تاركة 20% من الزوار لتتنافس عليهم ملايين المواقع الأخرى.

وتلوح في الأفق الآن بوادر صراع عالمي لاحتكار الإلكترونيات الاستهلاكية من ذوات شاشات الجيب الصغيرة من الهاتف النقال إلى كمبيوتر راحة اليد إلى الكتب الإلكترونية. وتشير دلائل كثيرة إلى أن التطورات الحديثة في تكنولوجيا المعلومات قد ساعدت على تنامي النزعة الاحتكارية، وذلك بسبب ضعف الارتباط العضوي بين محتوى المعلومات والوسيط الذي يتم تبادلها من خلاله، وأيضاً بسبب سهولة السيطرة على ذلك الكم الهائل من الرسائل الإلكترونية، وكذلك بسبب عامل الاقتصاد الضخم الذي يعمل لمصلحة الكيانات الإعلامية العملاقة.

وكان لا بد لهذا الاحتكار أن يجر وراءه صنوه الاقتصادي، والمقصود هنا الاندماج الرأسمالي. فمع ظهور الإنترنت وسرعة انتشارها أدركت القوى الرأسمالية مغزى المعلومات الاقتصادي، فاندفعت بصورة لم تعرفها البشرية من قبل في موجة الاندماج وتركيز رأس المال، وهدفها من وراء ثنائية الاحتكار والاندماج إحكام السيطرة الكاملة عالمياً على صناعة المعلومات بعناصرها الثلاث المكونة: محتوى المعلومات، ومعالجتها، وتوزيعها.

ونحن نرى حالياً كبرى شركات إنتاج الأفلام والتسجيل الموسيقي ودور النشر والطباعة ومطوري ألعاب الفيديو تشترك في الإنتاج مع عمالقة شركات الاتصال وشبكات الإرسال التلفزيوني وشركات برمجة الكمبيوتر.

وتستغل القوى الاقتصادية التقليدية قدراتها التحويلية والتنظيمية لاحتواء الجانب الإبداعي، أي السمة المميزة لصناعة المعلومات. فلقد أصبح الإبداع (محتوى وأداء وبرمجة) هو الآخر سلعة تباع وتُشترى وتُحتكر، ويشارك في تسويقها مروجو الإعلانات وسماسرة صناعة الثقافة.

وفي هذا المضمار، يقول الدكتور نبيل علي: ( إن الاحتكار والاندماج هما بمنزلة نذير نهاية حرية المعلومات، إنهما داروينية إعلامية بكل معنى الكلمة، يكون فيها البقاء للأقوى مالياً وتنظيمياً لا إبداعياً وأخلاقياً. لقد خرَّت المعلومات صريعة الاحتكار من قلة قليلة لا تدخر جهداً في سبيل إحكام سيطرتها على سوق الإعلام والاتصال ومصير مشاهديه ومنتجيه ومبدعيه).

وإزاء هذه الظاهرة الكونية لسيطرة الشركات المتعددة الجنسية على الإعلام عالمياً، هل لنا أن ننعم بطمأنينة زائفة؟ أ وليس من حقنا أن نقلق ونحن نرى إعلام عصر المعلومات وقد أصبح قوى قائمة بذاتها لا يحكمها سوى معيار الربح والخسارة، ومآل ذلك في النهاية هو اتساع الهوة بين من يملك المعلومة ومن يفتقدها؟

حتماً ستتغير قواعد اللعبة لتفرز وضعاً مأساوياً جديداً يضاف إلى رصيد بؤس سكان هذا الكوكب، ويسمي الدكتور نبيل علي هذا الوضع (إمبريالية إعلامية، إمبريالية ثقافية، فاشستية معلوماتية)، ولكنه يظل نوعاً من القدر الإعلامي يفرضه المركز على أطرافه.

ومع كل هذا، تتكرر الوعود المسرفة في التفاؤل لتغازل أحلام الضعفاء. وفي مجال الإعلام والاتصال، كان لاستعارة (القرية الكونية) التي ابتدعها مارشال ماكلوهان مفعول السحر. لقد شاع تداولها حتى بدت وكأنها أمر واقع نعيشه. وهل هناك أروع من هذا المشهد الإعلامي الرومنطيقي لعالمنا، وقد توثقت عراه على هيئة قرية صغيرة يسودها الوئام وتجمع بين أهلها إلفة الأسرة الواحدة وعلاقاتها الحميمة. ولسنا بحاجة إلى إطالة القول عن مدى سذاجة هذا التصور، الذي عدَّه البعض وهماً آخر من صنع ألعاب اللغة بهدف خدمة عولمة الإعلام والاقتصاد.

ويبقى الوضع على ما هو عليه، وتبقى معه الحقيقة المؤلمة وهي أن دول العالم النامي قد أوشكت أن تفقد استقلاليتها الإعلامية، وأن عولمة الإعلام تهدد تراث الشعوب بالانقراض والإحالة إلى ماكيتات في حدائق الملاهي أو في الأرشيفات الوطنية.

ومما يزيد الأمر سوءاً هو ذلك التوجه الجاري حالياً لزيادة سعة قنوات المعلومات، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الاختلال في ميزان التبادل المعلوماتي ما بين الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول العالم الثالث.












  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإنترنت في المكتبات شرف رداد منتدى تقنية المعلومات 11 Jan-17-2014 01:08 AM
ماهي المصادر البشرية التي يمكن أن تساعد المستفيدين في تحديد الوصول إلى مصادر الداخلية جآء الأمل منتدى الإجراءات الفنية والخدمات المكتبية 18 Oct-13-2011 12:29 PM
بحث قدمته في إحدى مؤتمرات المكتبات amelsayed المنتدى الــعــام للمكتبات والمعلومات 13 Oct-25-2010 03:05 PM
اقتصاد المعرفة في مجتمع المعلومات د.محمود قطر عروض الكتب والإصدارات المتخصصة في مجال المكتبات والمعلومات 7 Apr-22-2007 03:14 PM


الساعة الآن 12:41 AM.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. جميع الحقوق محفوظة لـ : منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات
المشاركات والردود تُعبر فقط عن رأي كتّابها
توثيق المعلومة ونسبتها إلى مصدرها أمر ضروري لحفظ حقوق الآخرين